⬜ العقلانية، الروحانية، الكفاءة والحكمة المتجذرة في إطار الجهاد الحضاري على أساس نظرية آية الله عباس الكعبي
🔸 إن الحضارة الإسلامية الحديثة تحتاج إلى دعائم معرفية ووجودية تُمكِّنها من تربية الإنسان الحضاري وبناء الهياكل الاجتماعية والحُكمية الدينية نحو العدالة والتقدم والمعنوية. لابد من تسليط الاضواء على أربعة عناصر أساسية، وهي: "العقلانية"، "الروحانية"، "الكفاءة" و"الحكمة المتجذرة"، ضمن إطار الجهاد الحضاري، ونعتمد على نظرية الجهاد الحضاري لآية الله عباس الكعبي. إن تفاعل هذه العناصر يشكّل الأساس البرمجي والهيكلي للحضارة الإسلامية ويؤدي دوراً استراتيجياً في بناء القوة والهوية.
🔸 في عصر انهيار الهيمنة الليبرالية وأزمة الحضارة الغربية، يقف العالم الإسلامي على أعتاب إعادة بناء حضارته الجديدة. الجهاد الحضاري هو مفهوم منبثق عن خطاب الثورة الإسلامية ويُعدّ مدخلاً جديداً إلى عملية بناء الأمة، والحُكم الإلهي، والعدالة الاجتماعية. ومن هنا، فإن التعرف على الركائز الداخلية للحضارة الإسلامية وتحديد علاقتها بالجهاد الحضاري يُعتبر أمراً استراتيجياً. نهدف إلى تقديم نموذج شامل لتحليل ودفع الجهاد الحضاري من خلال التركيز على أربعة مفاهيم رئيسية: العقلانية، الروحانية، الكفاءة، والحكمة المتجذرة، وذلك استناداً إلى الفكر والنظرية الحضارية لآية الله عباس الكعبي.
🔸١. العقلانية: المحرك التوجيهي للحضارة الإسلامية في فكر آية الله الكعبي، لا تُعتبر العقلانية مجرد أداة تكنوقراطية، بل هي ركن أساسي في قيادة الحُكم الإسلامي. يؤكد على العقلانية الجهادية، المتصلة بالوحي، والعقل الاستراتيجي في ساحة الحُكم.
🔸يُعرّف القرآن الكريم العقل بأنه معيار للهداية: «وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ» (الأنعام: ١٢٢). وفي الحديث الأول من كتاب العقل في الكافي، يقول الإمام الصادق (ع): «العقل ما عُبد به الرحمن واكتُسب به الجنان». فالعقل هو الذي يهدي الإنسان لعبادة خالصة وبناء حضارة إلهية.
🔸يرى الحكماء المسلمون كخواجة نصير الدين الطوسي أن العقل العملي والنظري يجب أن يتكاملا في خدمة العدالة والتنمية، وفي الفقه السياسي الشيعي يُعتبر العقل مرجعاً لفهم المصالح وتدبير شؤون الأمة.
🔸٢. الروحانية: الروح القدسية والمحرك الإيماني للحضارة يعتبر آية الله الكعبي أن الروحانية هي العنصر الأساسي لإعادة بناء المجتمع الإيماني. وفي نظرية الجهاد الحضاري، لا تُعدّ الروحانية مجرد سلوك فردي بل قوة دافعة للعدالة والمقاومة والنهوض التاريخي للأمة.
🔸يُظهر القرآن الكريم الروحانية مترابطة مع التوحيد والعدالة: «قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا» (الشمس: ٩)، ويقول النبي (ص): «العبادة سبعون جزءاً، أفضلها طلب الحلال». أي أن الروحانية لا تنفصل عن الواقع الاجتماعي.
🔸وفي روايات الكافي، لا يكون الإيمان مؤثراً بدون العمل الصالح والأخلاق الاجتماعية. كما أكد الشهيد المطهري على العلاقة العميقة بين الإيمان والعدالة والتضحية الاجتماعية.
🔸٣. الكفاءة: قوة التنفيذ وإدارة ميدان الحضارة الكفاءة من منظور آية الله الكعبي هي تحقيق "القدرة بعد المعرفة". يشدد على ضرورة بناء قوة وطنية قائمة على الأمة. وتشمل الكفاءة في هذا السياق العلم النافع، القوة العسكرية، البنية الاقتصادية، الإعلام، وتطوير المؤسسات الشعبية.
🔸تشير الآيات القرآنية إلى تعزيز القوة مثل قوله تعالى: «وَأَعِدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ» (الأنفال: ٦٠). ويُبين الإمام علي (ع) في نهج البلاغة أن القوة شرط للعدالة وعزة الأمة. كما يرى فقهاء مثل الإمام الخميني (ره) وقائد الثورة ضرورة التمكين في مختلف الأبعاد كشرط لبناء الحضارة الإسلامية.
🔸٤. الحكمة المتجذرة : المُنسّق بين العقل والمعنى والقوة في نظرية الجهاد الحضاري لآية الله الكعبي، تُعدّ الحكمة المتجذرة هي الحكمة الفطرية والوحيانية التي تُحقّق التوازن بين العقل والإيمان والقوة. يؤكد على العودة إلى الحكمة الإسلامية كأساس معرفي للحضارة.
🔸الآية «يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا» (البقرة: ٢٦٩) تُبيّن المكانة العظيمة للحكمة في التنظيم الحضاري. الحكمة في نظر الملا صدرا هي مزيج من العقل، الشهود، والوحي، وتوصل الإنسان إلى مقام الخلافة الإلهية. وهذه الحكمة تضمن التوازن في جميع أبعاد الفرد والمجتمع.
🔸الخاتمة: الجهاد الحضاري بدون تكامل العقلانية، الروحانية، الكفاءة، والحكمة المتجذرة، سينتهي إما إلى تكنوقراطية علمانية أو إلى تديّن متحجّر. تُحقق نظرية الجهاد الحضاري لآية الله الكعبي بتكامل هذه الأركان تحولاً في الإنسان والمجتمع والأمة، وتُهيئ أرضية للتنظير، وبناء المؤسسات، وتحقيق الحضارة الإسلامية الحديثة.
https://eitaa.com/kaabi_ir
13.95M حجم رسانه بالاست
مشاهده در ایتا
✅ پیام رهبر معظم انقلاب نقطه عطف تاریخی تمدنی حوزههای علمیه
آیت الله عباس کعبی عضو هیئترئیسه مجلس خبرگان رهبری با اشاره به پیام رهبر معظم انقلاب به حوزه های علمیه این پیام را نقطه عطف تاریخی تمدنی و راهگشا برای حوزههای علمیه دانست.
https://eitaa.com/kaabi_ir